للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصوفية أنفسهم مختلفون في نشأة التصوف وظهوره، فيرى أبو نصر السراج الطوسي أن أول نشأة التصوف كانت في الجاهلية قبل الإسلام (١)، بينما يقول القشيري أن هذا الاسم اشتهر قبل المائتين من الهجرة (٢).

وسبق الإشارة إلى قول البيروني أن أصل التصوف ديانة قديمة معروفة لدى الهنود واليونان القدماء، جاءت وتغلغلت في الإسلام باسم الزنادقة فالزنادقة هم الذين أدخلوها في الإسلام باسم التصوف وباسم الزهد والتعبد، وقد ربط البيروني بين أقوال الصوفية وأقوال النصارى (٣).

وقال بعض العلماء إن أول من أسس التصوف هم الشيعة (٤).

وحاصل الأقوال أن الجميع متفقون على حداثة الاسم، وعدم وجوده في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والسلف الصالح.

وقد ذكر ابن الجوزي رحمه الله وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الأطوار التي مر بها التصوف، وحاصلها.

الطور الأول: نزعة الزهد والورع والمبالغة في ذلك مع فقه في الدين، وهذا الطور كان من نهاية القرن الأول إلى منتصف القرن الثاني.

وهذه المظاهر وجدت عند بعض التابعين، لكن لم يكن يصحبها شيء من الانحراف، لا في العقائد ولا في السلوك، إنما كان تشديدًا على النفس.

وحينما نتذكر هذا الطور، لا نقول بأنه الأصل في التصوف، لكن المتصوفة


(١) انظر: اللمع (ص٢٢).
(٢) انظر: الرسالة القشيرية (ص٦، ٧).
(٣) انظر: تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة (ص٢٤، ٢٥).
(٤) انظر كتاب التنبيه والرد للملطي، وكتاب التصوف والمنشأ والمصدر (ص١٣٧ - ٢٧٥).

<<  <   >  >>