للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيء يجري لك فهو طائر، والمراد أن الرؤيا هي التي يعبرها المعبر الأول، فكأنها كانت على رجل طائر فسقطت ووقعت حيث عبرت، كما يسقط الذي يكون على رجل الطائر بأدنى حركة (١).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما لم يحدث» أي ما لم يتكلم المؤمن أو الرائي لها.

وقوله: «بها» أي بتلك الرؤيا أو تعبيرها.

وقوله: «فإذا حدث بها وقعت» أي تلك الرؤيا على الرائي يعني يلحق الرائي أو المرئي له حكمها.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الرواية الأخرى: «فإذا عبرت وقعت» فهذه الرواية تدل على أن المراد بقوله «ما لم يحدث» أي ما لم يتكلم بتعبيرها (٢).

قال الطيبي: "التركيب من باب التشبيه التمثيلي، شبه الرؤيا بالطائر السريع طيرانه، وقد علق على رجله شيء يسقط بأدنى حركة فينبغي أن يتوهم للمشبه حالات متعددة مناسبة لهذه الحالات، وهي أن الرؤيا مستقرة على ما يسوقه التقدير إليه من التعبير، فإذا كانت في حكم الواقع قدر من يتكلم بتأويلها على ما قدر فيقع سريعًا، وإن لم يكن في حكمه، لم يقدر لها من يعبرها" (٣).

القول الثاني: قالوا إن للرؤيا حقيقة ثابتة مستقرة بنفسها وليست تابعة للتعبير.

واستدلوا بقوله تعالى في قصة الملك: {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} [يوسف: ٤٤].


(١) النهاية في غريب الحديث (٢/ ٢٠٤) وانظر: جامع الأصول (٢/ ٥٢٣).
(٢) انظر: تحفة الأحوذي (٦/ ٥٥٩).
(٣) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (٤/ ٥٤٩).

<<  <   >  >>