للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما من طريق العقل، فإن النائم يرى من الأحلام من كونه مقطوع الرأس مثلا، وهو حي، وما أشبه ذلك، كما جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله: رأيت في المنام كأن رأسي ضرب فتدحرج فاشتددت على أثره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي: «لا تحدث الناس بتلعب الشيطان بك في منامك» (١) فعلى هذا القول يكون رأسه قد قطعت حقيقة وهو حي، وهذا من الباطل بمكان (٢).

القول الثاني: قال أكثر المعتزلة (٣) إن ما يراه الإنسان في منامه إنما هو تخيلات باطلة لا حقيقة لها ولا تدل على شيء (٤).

الرد: إن القول بأن الرؤيا جميعها خيالات باطلة، قول باطل وغريب، حيث دل كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على أن الرؤيا تنقسم إلى ثلاثة أقسام ومنها الرؤيا الصادقة، والتي منها رؤيا الأنبياء والتي هي من الوحي.

فمن الكتاب قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الفتح: ٢٧] ورؤيا الحق


(١) سبق تخريجه (٢٤) وله روايات متعددة عند مسلم في صحيحه.
(٢) انظر: الفصل في الملل والنحل (٥/ ١٢٣) والأصول والفروع (١/ ٢٤٣).
(٣) المعتزلة: هم اتباع واصل بن عطاء الغزال (ت١٣١ هـ) سمي هو وأصحابه بالمعتزلة لأنه اعتزل مجلس الحسن البصري عندما سئل عن حكم صاحب الكبيرة، فقال، واصل بأنه ليس بمؤمن ولا كافر، وسلكت المعتزلة منهجًا عقليًا في العقيدة، وهم فرق كثير لكل فرقة آراء تميزت بها، لكن اتفقوا على أصول خمسة هي: التوحيد، والعدل والوعد، والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهم تفسيراتهم المنحرفة لهذه الأصول.
انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٢٣٥) والفرق بين الفرق (٢٠) والملل والنحل للشهرستاني (١/ ٥٠). والتنبيه والرد للملطي (٣٥ - ٤١) والبرهان في عقائد أهل الأديان (٢٦، ٢٧).
(٤) انظر: جواهر الكلام للإيجي (١٧٣) تحقيق: الدكتور عفيفي والموافق (٦/ ١١١) ومقالات الإسلاميين (٢/ ١٠٧) وفيه قال الأشعري رحمه الله: «وقال بعض المعتزلة الرؤيا ثلاثة أنحاء» ثم عقب يقول أهل الحديث.

<<  <   >  >>