للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورواه الحاكم في مستدركه من حديث بندار، عن محمد بن بشار، ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه (١)، وكذا روى أبو جعفر الرازي، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [البقرة: ٢١٣]، وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}، قال: كانوا على الهدى جميعًا فاختلفوا، {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}، فكان أول نبي بعث نوحًا. وهكذا قال مجاهد، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما أولاً.

وقال العوفي عن ابن عباس: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}، يقول: كانوا كفارًا: {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}، والقول الأول عن ابن عباس رضي الله عنهما أصح سندًا ومعنى، لأن الناس كانوا على ملة آدم حتى عبدوا الأصنام، فبعث الله إليهم نوحًا -عليه السلام- فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، ولهذا قال تعالى: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} أي: من بعد ما قامت الحجج عليهم، وما حملهم على ذلك إلا البغي من بعضهم على بعض {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٢).


(١) المستدرك (٤٠٠٩)، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري (٢/ ٥٩٦).
(٢) تفسير القرآن العظيم (١/ ٥٧٣ - ٥٧٤).

<<  <   >  >>