للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا كان هذا قول الله تعالى فيمن تعذر عن التبيين بالعمل بالتوحيد، ومعاداة المشركين بالخوف على أهله وعياله، فكيف بمن اعتذر في ذلك بتحصيل التجارة؟

ولكن الأمر كما تقدم عن عمر - رضي الله عنه -: إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية لهذا لم يفهم معنى القرآن، وأنه أشرف وأفسد من الذين قالوا: {إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} [القصص: ٥٧].

ومع هذا فالكلام الذي يظهرونه نفاق، وإلا فهم يعتقدون أن أهل التوحيد ضالون مضلون، وأن عبدة الأوثان أهل الحق والصواب.

كما صرح به إمامهم في الرسالة التي أتتكم قبل هذه، خطه بيده يقول: بيني وبينكم أهل هذه الأقطار، وهم خير أمة أخرجت للناس، وهم كذا وكذا.

فإذا كان يريد التحاكم إليهم، ويصفهم بأنهم خير أمة أخرجت للناس، فكيف أيضًا يصفهم بشرك ومخالطتهم للحاجة؟ ما أحسن قول أصدق القائلين: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات: ٧ - ٩] {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: ٥].

فرحم الله امرأً نظر لنفسه، وتفكر فيما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - من عند الله، من معاداة من أشرك بالله من قريب أو بعيد، وتكفيرهم، وقتالهم حتى يكون الدين لله.

<<  <   >  >>