للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

..............................................................

ــ

الدليل السادس: قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: ١١] فأخبر تعالى: أن من الناس من يعبد الله على حرف، أي على طرف، فإن أصابه خير، أي نصر وعز وصحة وسعة وأمن وعافية، ونحو ذلك اطمأن به، أي ثبت، وقال: هذا دين حسن ما رأينا فيه إلا خيرًا، وإن أصابته فتنة، أي: خوف ومرض وفقر ونحو ذلك انقلب على وجهه، أي: ارتد عن دينه، ورجع إلى أهل الشرك.

فهذه الآية مطابقة لحال المنقلبين عن دينهم في هذه الفتنة سواء بسواء. فإنهم قبل هذه الفتنة يعبدون الله على حرف، أي: على طرف، ليسوا ممن يعبد الله على يقين وثبات، فلما أصابتهم هذه الفتنة انقلبوا عن دينهم، وأظهروا الموافقة للمشركين، وأعطوهم الطاعة، وخرجوا عن جماعة المسلمين إلى جماعة المشركين، فهم معهم في الآخرة كما هم معهم في الدنيا، فخسروا: {الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} هذا مع أن كثيرًا منهم في عافية ما أتاهم من عدو، وإنما ساء ظنهم بالله، فظنوا أنه يديل الباطل وأهله على الحق وأهله، فأرداهم سوء ظنهم بالله، كما قال تعالى: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: ٢٣].

وأنت: يا من مَنَّ الله عليه بالثبات على الإسلام، احذر أن يدخل في قلبك شيء من الريب، أو تحسين هؤلاء المرتدين، وأن موافقتهم للمشركين وإظهار

<<  <   >  >>