للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

.................................................................

ــ

أن الجهاد لا يصح إلا بإمام: «ومعلوم: أن الدين لا يقوم إلا بالجهاد، ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجهاد مع كل بر وفاجر، تفويتًا لأدني المصلحتين لتحصيل أعلاهما، وارتكابًا لأخف الضررين لدفع أعلاهما، فإن ما يدفع بالجهاد من فساد الدين، أعظم من فجور الفاجر، لأن بالجهاد يظهر الدين ويقوى العمل به وبأحكامه، ويندفع الشرك وأهله حتى تكون الغلبة للمسلمين، والظهور لهم على الكافرين، وتندفع سورة أهل الباطل، فإنهم لو ظهروا لأفسدوا في الأرض بالشرك والظلم والفساد، وتعطيل الشرائع والبغي في الأرض.

ويحصل بالجهاد مع الفاجر من مصالح الدين ما لا يحصى، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وبأقوام لا خلاق لهم» (١).

ولو ترك الجهاد معه لفجوره لضعف الجهاد، وحصلت الفرقة والتخاذل، فيقوى بذلك أهل الشرك والباطل، الذين غرضهم الفساد وذهاب الدين، فإذا ابتلي الناس بمن لا بصيرة له ولا علم ولا حلم، ونزل المشركون وأهل الفساد من قلبه منزلة أهل الإسلام لطمع يرجوه منهم، أو من أعوانهم، وأعانهم على ظلمهم، وصدقهم في كذبهم، فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئًا.

ويقال أيضًا: كل من أقام بإزاء العدو وعاداه، واجتهد في دفعه، فقد جاهد ولا بد، وكل طائفة تصادم عدو الله، فلا بد أن يكون لها أئمة ترجع إلى


(١) صحيح مسلم (١١١)، ومسند أحمد (٧٧٤٤) دون قوله: «وبأقوام لا خلاق لهم» والزيادة في مسند أحمد (١٩٥٥٥).

<<  <   >  >>