للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاختلاف في الفروع يسع فيه الاجتهاد]

أن النزاع فيما هو دون الأصول هو من جنس النزاع بين الأئمة، وقد تنازع أئمة الصحابة رضي الله عنهم في مسائل كثيرة من مسائل الفقه وغيره، وهذه المسائل هي مما يقال فيه بالاجتهاد، بمعنى أنه يسع فيها الاجتهاد، وإن كان في كثير من هذه المسائل المتنازع فيها نصوص حاسمة، لكن يبقى أنه يقع في تعيين هذه النصوص والتحقق من دلالتها نزاع، كاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في كثير من المسائل، ثم من بعدهم اختلاف التابعين، واختلاف الأئمة كالأئمة الأربعة وغيرهم.

وهذا الاختلاف ليس فيه إشكال؛ لأنه من باب الاجتهاد؛ ولهذا الواجب فيه على طالب العلم: أن يجتهد في اتباع ما يراه مقارباً للدليل من الكتاب والسنة، ولا يلزمه في ذلك أن يلتزم مذهباً واحداً أو قولاً واحداً، وإن كانت هذه المسألة -أيضاً- لابد فيها من اعتدال، فإن من التزم مذهباً واحداً لكونه ليس من أهل النظر والترجيح فقد جرى على عمل كثير من المسلمين، وإن كان ليس هو الفاضل في هذا المقام، لكن لا ينبغي أن يبالغ في إنكاره إذا كان الذي يسلكه من أهل مصر قد أقاموا عليه، وقد سلموا من البدع، وإنما قلدوا إماماً معتبراً كـ أبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد أو أمثال هؤلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>