للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب عن شبهة المرجئة: لو كان العمل أصلاً في الإيمان لما أمكن ثبوت الإيمان قبل فرض العمل

[وعلى هذا كل مخاطبته كانت لهم فيها أمر أو نهي بعد الهجرة، وإنما سماهم بهذا الاسم بالإقرار وحده إذ لم يكن هناك فرض غيره.

فلما نزلت الشرائع بعد هذا وجبت عليهم وجوب الأول سواء، لا فرق بينها؛ لأنها جميعها من عند الله، وبأمره وبإيجابه].

هذا الكلام فيه رد على شبهة بعض المرجئة، فإن من شبههم وحججهم أنهم يقولون: إن الإيمان كان ثابتاً في أول الإسلام قبل العمل، فلو كان العمل أصلاً في الإيمان لما أمكن ثبوت الإيمان في أول الإسلام.

وهذا غلط من جهة العقل قبل أن يكون غلطاً من جهة الشرع؛ لأن الإيمان هو ما وجب الإيمان به في كلام الله ورسوله، والعمل قبل فرضه ليس حكماً شرعياً.

وهذه القاعدة التي فرضوها لو طردوها ما صحت لهم؛ فإن هناك تصديقات ذكرت في الكتاب والسنة بعد كلمة الشهادتين -كالتصديق بقصص الأنبياء، فإن من لم يؤمن بقصص الأنبياء والمرسلين في القرآن وكذبها يكون كافراً- ومع ذلك أصبح التصديق بهذه الأخبار من الإيمان، مع أن إيمان المؤمن قبل بلوغ الخطاب كان ثابتاً.

فقولهم: لو كان العمل أصلاً في الإيمان لما أمكن ثبوت الإيمان قبل فرض العمل، يرد عليه بأنه لو كان الأمر كذلك لقيل أيضاً: إن ما زاد على أصل الإيمان من التصديقات لا يعد من الإيمان؛ لأن الإيمان الأول ثبت قبل نزولها أو قبل الخبر بها، فكل ما فرضوه على العمل يلزم فرضه على التصديقات التي تأخر الإخبار بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>