للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تنبيه على الكلام عن حكم ترك الصلاة]

وهنا ننبه إلى أنه قد يكون لدى بعض طلبة العلم عناية بقدر الصلاة وتعظيمها؛ فيحب أن ينزع إلى أن ترك الصلاة كفر بالإجماع، وأن المسألة مغلقة، وهذا ليس بلازم؛ لأن قول إسحاق لو أخذ على ظاهره للزم عنه تكفير كثير من المسلمين، يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله: "إن كثيراً من الناس، بل أكثرهم في كثير من الأمصار لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس ولا هم بتاركيها بالجملة، بل يصلون أحياناً ويدعون أحياناً، فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق، وتجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة في المواريث ونحوها من الأحكام".

وكذلك كلام عبد الله بن شقيق يدل على أن هذا هو ظاهر مذهب الصحابة؛ لكن لا يدل على أن هذا إجماع متحقق للصحابة، وفرق بين المسألتين، فإن معنى القول بإنه إجماع متحقق معناه أنه لا يجوز الاستعلان بخلافه، ولو كان إجماعاً لما أمكن فواته على الزهري ومالك وأمثال هؤلاء، وكذلك اختلفت الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في مسألة تارك الصلاة هل يكفر أو لا يكفر، وإن كان الصحيح في مذهبه أن تارك الصلاة كافر، لكن جملة من محققي الحنابلة لا يذهبون إلى كفره، ويحققون أن هذا هو مذهب أحمد.

فالمقصود أن هذه المسألة لها جهتان:-

الجهة الأولى: تعظيم قدر الصلاة، وهذا لابد منه.

الجهة الثانية: تعظيم ديانة المسلمين أيضاً، فلا ينبغي أن يفتات فيها بتسرع إلى درجة أن يقال: إن ترك الصلاة الواحدة يعد خروجاً من الملة، إلا إذا كان العالم قد بان له باجتهاد من الشريعة أن ترك صلاة واحدة يكون كفراً وخروجاً من الملة فأفتى بذلك فهذا اجتهاد قد سبق إليه أكابر من السلف والخلف، ولكن ليس من مقصود السنة والجماعة أن يقال: إن ترك الصلاة كفر بالإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>