للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على المرجئة القائلين بأن زيادة الإيمان هي ازدياد اليقين]

[وأما الذين جعلوا الزيادة ازدياد اليقين فلا معنى لهم لأن اليقين من الإيمان، فإذا كان الإيمان عندهم كله برمته إنما هو الإقرار، ثم استكمله هؤلاء المقرون بإقرارهم ..

أفليس قد أحاطوه باليقين من قولهم؟! فكيف يزداد من شيء قد استقصي وأحيط به؟! أرأيتم رجلاً نظر إلى النهار بالضحى حتى أحاط عليه كله بضوئه هل كان يستطيع أن يزداد يقيناً بأنه نهار ولو اجتمع عليه الإنس والجن؟! هذا يستحيل ويخرج مما يعرفه الناس].

هذا وجه فاضل في الرد.

وهو الوجه الآخر في الرد على المرجئة الذين فسروا الزيادة بهذا، وهو أن المرجئة الذين يقولون: إن الإيمان واحد وهو التصديق، يمنعون الاستثناء فيه ويجعلونه واحداً، فما وجه زيادة اليقين فيه؟!!

أي: إن معنى القول بأن الإيمان واحد يلزم منه نفي زيادة الإيمان من كل وجه؛ فإذا أُثبتت زيادة الإيمان ولو من وجه تعدد الأدلة أو من وجه تمام اليقين، أو أمثالها من التفسيرات التي أريد بها التخلص من معارضة القرآن فإن هذا يكون من باب التناقض.

فمن يقول: إن الإيمان واحد، ومع ذلك يقول: يزداد، فإن مجرد تسليمه بزيادته على أي وجه فسر هذه الزيادة يعد تناقضاً؛ فإنه إذا سوغ زيادته باعتبار تعدد الأدلة فمعناه أن أهله تفاضلوا.

وإن قال: إنه لم يتفاضل إيمانهم وإنما تفاضلت أدلتهم؛ قيل: الدليل يدل على حكم في مدلوله، وهذا الحكم هو الذي يجب الإيمان به، ولهذا يكون الحكم المُؤمَن به -وهو إيمان بالقطع- متفاضلاً بين المخاطبين.

فمقصود هذا الوجه: أن من قال: إن الإيمان واحد -وهو قول كل من خالف السلف- يمتنع أن يقر بزيادة الإيمان بأي وجه من الأوجه، فمن أقر بذلك كان متناقضاً.

وخلاصة هذا الرد هي: أنه إذا كان الإيمان واحداً سواء كان هو التصديق أو الإيمان أو المعرفة أو ما إلى ذلك فقد استكملوه بالأول، فما وجه الزيادة؟!

ومن المعلوم في النظر العقلي أن من يقول: إن هذا الشيء واحد، يمتنع عليه أن يقول: أنه يزيد، بأي وجه فسر الزيادة.

وهذا من باب تناقض أهل البدع.

<<  <  ج: ص:  >  >>