للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصواب في الماهية والوجود]

قال المصنف رحمه الله: [وقد بسطنا من الكلام في هذه المقامات، وما وقع من الاشتباه والغلط والحيرة فيها لأئمة الكلام والفلسفة ما لا تتسع له هذه الجمل المختصرة، وبينا أن الصواب هو أن وجود كل شيء في الخارج هو ماهيته الموجودة في الخارج].

قوله: (وبينا أن الصواب ...) لك أن تقول: إن هذا قاله في مسألة الوجود، أما المسائل الأخرى فقاعدة المصنف فيها: أن الصواب هو الاستفصال.

وهذا كقاعدة عقلية مطردة أو عامة: (ما كان مشتركاً فإن من حسن الجواب فيه هو الاستفصال)، وهذا هو أحكم من جهة، وأبسط من جهة، فإذا أتيت إلى كلمة مشتركة، أو جملة مشتركة تحتمل أكثر من معنى، واستعملت معها التفصيل؛ كان هذا التفصيل أحكم من جهة ربط المعاني، وأبسط من جهة تحصيل الحقائق للسامع أو للمخاطب، وهذه القاعدة هي ما درج عليها المصنف في مناظراته، وهذا هو الذي يحرج المخالف الإحراج العلمي، بمعنى: أنه يقطع إشكاله واعتراضه.

قال رحمه الله: [بخلاف الماهية التي في الذهن، فإنها مغايرة للموجود في الخارج].

وذلك حتى يفرق بينها وبين الماهية المختصة، ولذلك فإن المصنف يقول: إنما نفي عن الله ما كان مختصاً، بخلاف ما كان مطلقاً، فإن هذا قدر مطلق لا يضاف إلى الخالق ولا إلى المخلوق؛ بل هو كلي في الذهن، والذهن لا يعينه بمعين مختص.

قال رحمه الله: [وأن لفظ الوجود كلفظ الذات، والشيء، والماهية، والحقيقة، ونحو ذلك، وهذه الألفاظ كلها متواطئة، وإذا قيل: إنها مشككة لتفاضل معانيها، فالمشكك نوع من المتواطئ العام الذي يراعى فيه دلالة اللفظ على القدر المشترك، سواء كان المعنى متفاضلاً في موارده أو متماثلاً].

سبق أن التشكيك هو أن تكون النسبة متفاضلة، والمتواطئ في اصطلاحهم: هو أن تكون النسبة متماثلة، فإذا تماثلت النسبة سموه: تواطئاً، وإذا تفاضلت النسبة سموه: تشكيكاً، وبعضهم يقول: إن كل هذا يسمى متواطئاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>