للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تنوع دلائل الصفات والحكمة من ذلك]

قال المصنف رحمه الله: [وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} [غافر:١٠] وقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} [البقرة:٢١٠] وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:١١] وقوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء:١٦٤] وقوله: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً} [مريم:٥٢] وقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص:٦٢]].

يلاحظ تنوُّع الأدلة على بعض الصفات: فبعض الصفات جاءت بنص أو في سياق، وبعض الصفات -ولا سيما أصول الصفات؛ كعلم الله، وكعلوه، وكلامه، ونحو ذلك- جاءت دلائلها متنوعة.

ومن هنا قال بعض أهل العلم: إن أدلة العلو تقارب الألف دليل في الكتاب والسنة، وكذلك قالوا مثل ذلك عن كلام الله تعالى، وقد أخذوا ذلك من تنوع الأدلة، فمثلاً: صفة الكلام ثابتة بقول الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء:١٦٤] وثابتة بقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} [القصص:٦٢] وكل نص فيه ذكر مناداته سبحانه فإنه دليل على اتصافه بالكلام، وكل آية فيها ذكر قوله سبحانه فهي دليل على إثبات الكلام، مثل قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ} [يس:٨٢] وقوله: {وَقَالَ رَبُّكُمْ} [غافر:٦٠] وكل آية فيها ذكر أمره سبحانه وتعالى فهي دليل على اتصافه بالكلام، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} [النساء:٥٨].

ومثله صفة العلو: فآيات ذكر الفوقية، وآيات ذكر أن الله في السماء، وآيات ذكر أنه في العلو، وغير ذلك، كلها دليل على إثبات صفة العلو.

ومن فوائد تنوع الأدلة -مع تحقيق الإيمان بذلك-: أنك إذا كنت عارفاً بتنوع الأدلة في هذه الصفة، وحاول المخالف تأويل آية من الآيات، فإن تأويل غيرها يكون ممتنعاً، فلو فرض جدلاً أن سياقاً من السياقات يمكن تأويله، فيقال: لو سلمنا أن هذا السياق يمكن تأويله فإن ثمة سياقات أخرى يمتنع فيها التأويل، وهذا أيضاً من باب رد ما يزعم المخالف أنه مختلف فيه إلى ما كان مؤتلفاً في حكمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>