للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المقصود بتسبيح الجمادات]

وقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الحشر:٢٤] ما معنى أن ما في السماوات والأرض يسبح له سبحانه وتعالى؟

الجواب: إن كثيراً من الأسئلة قد غُلط في أصلها، والذي أصبح كأنه شيء مألوف عند الناس أن كل سؤال لا بد له من جواب مفصَّل يتناسب مع السؤال.

والحق أن بعض الأسئلة يكون جوابها التوقف، وأن هذا مما اختص الله بعلمه، فلا يجوز أن نقول: إن تسبيح الجبال مثلاً هو سكونها، وإن تسبيح السحاب يكون بحركته، فإن هذا تفصيل والتماس غير صحيح؛ لأنه قول بغير علم، والله تعالى لما ذكر التسبيح قال: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء:٤٤] فلما قال: {وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء:٤٤] علم أن جواب هذا السؤال أن يقال: إنها تسبح حقيقةً، ولكن تسبيحها لا يُفْقَه، ولو كان تسبيحها هو محض حركة السحاب، أو سكون الجبال، لكان مما يُشاهَد فضلاً عن أن يُفْقَه، ولكن لما قال: {وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء:٤٤] عُلِم أن هذا مما يتوقف فيه، وأنه يُسَلَّم به، والإنسان لا يمكن لعقله أن يتصور سائر الممكنات التي قد يقدرها الله سبحانه وتعالى أو ينشئها.

<<  <  ج: ص:  >  >>