للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حقيقة معقولات المتكلمين]

قال رحمه الله: (لكانوا من الذين أوتوا العلم، الذين يرون أن ما أنزل إلى الرسول هو الحق من ربه، ويهدي إلى صراط العزيز الحميد، ولكنهم من أهل المجهولات المشبهة بالمعقولات):

لقد زعم المتكلمون -وهم أخف هذه الطوائف الثلاث التي ذكرها المصنف- زعموا أن دليلهم هو دليل عقلي، وهذا ادعاء ليس بصحيح؛ فإن الدليل الذي زعموه -إن جاز تسميته عقلياً- فإنه يسمى عقلاً مستعاراً، أي: أن مقدماته هي أحكام فلسفية سابقة، والعقل الذي يسوغ استعماله واعتباره في الجملة إنما هو العقل المجرد، أي: العقل الذي يشترك فيه عامة العقلاء، أما أن يؤتى بمقدمات مأخوذة من فلسفة أرسطو أو غيره ويقال: إن هذه مقدمات عقلية ضرورية، فهذا غير صحيح.

فحقيقتها أنها مجهولات ومشبهة بالمعقولات، ولذلك لما قال بعض أئمة المتكلمين: إن العقل معارض للنقل، فلا عجب من ذلك؛ لأن حقيقة العقل الذي قصدوه ليس هو العقل الذي خلقه الله قوة في الإنسان يمكن أن يتحرك بالنظر فيه، إنما العقل الذي قصدوه هو أدلة كلامية أصولها فلسفية، فكأنهم قالوا: إن علم الكلام والفلسفة معارض للنقل، وهذا ليس بعجيب؛ لأن هذه الفلسفة فلسفة قوم من الكفار الذين لم يؤمنوا بالأنبياء والرسل إيماناً شرعياً صحيحاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>