للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مخالفة كثير من نصوص الكتاب والسنة والإجماع لقولهم]

قوله: " أحدها: أن النصوص المخالفة لقولهم في الكتاب والسنة والإجماع كثيرة جداً مشهورة".

بمعنى: أن قول الجهمية ليس عليه أثرٌ من آثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

وهذا بخلاف أقوال الفرق الأخرى، فإن قول الخوارج: إن مرتكب الكبيرة مخلد في النار، اعتبروه بمثل قول الله تعالى: {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} [آل عمران:١٩٢]، وقوله تعالى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} [السجدة:٢٠] وأمثال ذلك من الدلائل القرآنية المجملة في وعيد العصاة، وقد استدل بها الخوارج بين يدي كثير من الصحابة، كما في حديث يزيد الفقير الذي أخرجه مسلم في صحيحه في قصة مجيء الخوارج إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وما حصل من المناظرة بينه وبين شيوخ الخوارج، حتى رجع أولئك النفر إلا رجلاً واحداً.

وكذلك كثير من مقالات المرجئة يستدل عليها أصحابها بأدلة من الكتاب والسنة، بخلاف مقالة الجهمية فإنها بريئة من الاستدلال، وإنما معتبر قولهم هو ما سموه في كتبهم وتكلم به نظارهم وهو دليل الأعراض، ولا يتسع المقام للكلام عن هذا الدليل، وإنما الذي يدرك هنا أن هذه المقالة ليس عليها أثر من الهدي، بل الدلائل من القرآن المجملة والمفصلة وكذا من السنة والإجماع تعارض قول هؤلاء وتبطله.

وهذا يبين أن معارضة الأصول الثلاثة -الكتاب والسنة والإجماع- لأقوال أهل البدع فيها تفاوت، وإن كانت جميع البدع باطلة بالكتاب والسنة والإجماع، إلا أن هذه المعارضة يدخلها قدر من التفاوت؛ ولهذا ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن مقالة الجهمية ليس عليها أثر من آثار الأنبياء، وإنما هي قول قوم من الملاحدة الفلاسفة، نقلها من نقلها من النظار إلى من انتصر لشيء من أصول الإسلام أو تسمى بدين الإسلام، ولهذا بين سابقاً أن الجهمية يكثر في طائفتهم الزنادقة، وهم المنافقون، الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>