للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهذا يكفي لتثبيت إيمان المؤمن، فضلًا عن إقناع المنكر الجاحد؟.

ثم إن هذا الدليل - في عمومه - يستطيع مسيلمة والعنسي وكل متنبئ إلى يوم القيامة أن يستدل به؛ إذ لا يترتب على كون أيٍّ من هؤلاء نبيًّا لذاته أي مستحيل عقلي مما ذكرتم؟!.

ولم تقفوا عند هذا؛ بل حصرتم الدليل كله في المعجزة كما فعل الجويني الذي عقَّب على كلامه السابق قائلًا: «فصل: لا دليل على صدق النبي غير المعجزة» (١). مع حصركم للمعجزة نفسها في الأمر الخارق للعادة المقرون بالتحدي .. إلى آخر ما رتبتموه بالعقل المجرد.

وهذه هي الدائرة الأضيق التي حصرتم أنفسكم فيها، فتناوشتكم السهام من كل ناحية، ذلك أن المعجزة المجردة في ذاتها تتوارد عليها الطعون والاعتراضات العقلية التي لا يمكن - حسب منهجكم - دفعها إلا بإبطال أصل من أصولكم.

مثال ذلك أن يقال: إنه لا دليل على صدق موسى عليه السلام - حسب كلامكم - إلا انقلاب العصا حيَّةً ونحوها، فماذا تقولون للسامريين من اليهود إذا قالوا: دلالة صدق السامري أعظم من دلالة صدق موسى، أو مساوية لها؛ لأن انقلاب الزينة عجلًا جسدًا له خوار أعظم عندنا - نحن السامرة - من انقلاب العصا حيَّة؟!.

عندئذ ستضطرون إما إلى تصديقهم في ذلك، وإما إلى مناقضة


(١) الإرشاد (ص٣٣١)، وانظر حول هذا الحصر عندهم درء تعارض العقل والنقل (٧/ ٣٠٩، ٥/ ٢٨٧).

<<  <   >  >>