للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَاسَنَا} [غافر: (٨٥)]. بل هذا هو عين ما وقع لفرعون حين قال: (آمنت) لما أدركه الغرق.

(٢) - وإما أنهم لم يؤمنوا بعد، وهو ما نقوله نحن وأنتم، ويكون مصيرهم بلا ريب هو النار، فلا جدوى للمعجزة ولا حكمة فيها، بل أنتم تقرون أن الإنسان لا يؤاخذ قبل قيام المعجزة.

فظهر تناقضكم، ولزمكم نسبة الظلم إلى الله تعالى؛ لأنه أهلك قومًا وأدخلهم النار قبل قيام ما يدل على صدق النبي عندهم.

وإن كان هذا على أصولكم جائزًا عقلًا - تعالى الله عن ذلك -، كما أنه يتنافى مع ما أصلتموه في باب (المعرفة) و (أول واجب على المكلف) من أن من لا يستطيع النظر، أو لم يتمكن منه لا يؤاخذ (١)، فهؤلاء قد اخترمتهم المنية في أثناء النظر فكيف يؤاخذون؟.

وهكذا يصبح تناقض القوم واضطرابهم مركَّبًا.

ومن الإلزامات والإشكالات التي عجز عنها الأشاعرة؛ لأنهم تقيدوا بهذه الأصول الفاسدة والمنهج الضيق:

منها: ما أورده الآمدي نفسه على لسان منكري النبوة، وهو قولهم: إن إثبات صِدق النبي متوقف على ثبوت استحالة الكذب من الله تعالى؛ لأن إعطاء الله لنبيه معجزةً تصديقٌ له من الله، ولكن كما قال لهم الملاحدة الجاحدون: كيف نعلم أن الله لا يكذب على عباده، ولا يضلهم بإظهار المعجزة على يد الكذاب، وأنتم تقولون: إنه هو الذي


(١) الشامل للجويني (ص١٢٩).

<<  <   >  >>