للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاستثناء، وقد فسّر شيخ الإسلام ابن تيمية هذا التناقض (١).

وأما أصحابه؛ فقد خالفه أكثرهم في ذلك، والذي عليه رأي المتأخرين: عدم جواز الاستثناء.

قال النسفي في العقائد المعروفة بالنسفية: «فإذا وجد من العبد التصديق والإقرار صحَّ له أن يقول: أنا مؤمن حقًّا، ولا ينبغي أن يقول: أنا مؤمنٌ إن شاء الله» (٢). وبنحوه قال الجويني والباقلاني.

فظهر مما سبق: أن مذهب الأشاعرة مباينٌ لمذهب السلف في أصل هذه المسألة، ولوازمها وفروعها.

أما الآثار العميقة التي تركها هذا الاعتقاد الفاسد في أعمال المنتسبين لهذا المذهب من آثار مذهبهم في الإيمان الخاصة والعامة، فهي مما لا يتسع المجال لعرضه، وحسبنا أن نعلم أن المؤمن الذي يعتقد جزمًا أن عمل القلب والجوارح جزءٌ من الإيمان، وأن إيمانه يزيد وينقص بحسب الطاعة والمعصية، يجد في نفسه من دواعي الغفلة والتفريط الشيء الكثير، فما بالك بمن لا يعتقد هذا من أصله؟! كيف تكون نظرته لنفسه أولًا، ثم كيف يكون منهجه في التعيير والإنكار على


(١) وهو أن أبا الحسن آمن بمذهب السلف إجمالًا - أي آخر عمره - لكنه لم يكن خبيرًا بتفصيلاته ومآخذه، على عكس معرفته بمذهب من عداهم، فقد كانت تفصيلية، كما في كتاب المقالات، فإنه فصَّل مذاهب سائر الفرق، وأجمل مذهب السلف في صفحتين تقريبًا. انظر الإيمان (ص١١٥).
(٢) مجموع مهمات المتون (ص٣١)، وانظر الإرشاد (ص٤٠٠)، الإنصاف (ص٦٠).

<<  <   >  >>