للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قلنا: وأيضًا إنكار صفات الرب، وأنه فوق سماواته ... تكذيبٌ لما علم أنهم جاءوا به ضرورة.

فإن قلتم: تأويلنا للنصوص التي جاءوا بها لا يستلزم تكذيبهم.

قلنا: فمن أين صار تأويلنا للنصوص التي جاءوا بها في المعاد يستلزم تكذيبهم دون تأويلكم إلَّا مُجَرَّد التشهي؟.

فقال الأشاعرة: إنكم لم تقتصروا على تأويل السمعيات، بل أولتم الأحكام من حلال وحرام؟.

فصاحت القرامطة والملاحدة والباطنية، وقالوا: ما الذي سوَّغ لكم تأويل الأخبار، وحرَّم علينا تأويل الأمر والنهي، والتحريم والإيجاب، ومورد الجميع من مشكاة واحدة؟.

قالوا: وأين تقع نصوص الأمر والنهي من نصوص الخبر؟.

قالوا: وكثير منكم فتحوا باب التأويل في الأمر، فأولوا أوامر ونواهي كثيرة صريحة الدلالة، أو ظاهرة الدلالة في معناها بما يخرجها عن حقائقها، فَهلُمَّ نضعها في كفة، ونضع تأويلنا في كفة ونوازن بينها.

ونحن لا ننكر أنا أكثر تأويلًا منهم، ولكنا وجدنا بابًا مفتوحًا فدخلناه (١).

فهذا مثالٌ بارزٌ للنتائج المترتبة على الانحراف المنهجي الذي وقع فيه الأشاعرة بسبب موقفهم من النصوص، فإنهم فتحوا الباب لأعداء


(١) مختصر الصواعق المرسلة (ص (٤٢)) طبعة زكريا يوسف، وانظر: التسعينية (ص٢٥٨).

<<  <   >  >>