للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم - رحمه الله -: " فأما المفعولات فأنها دالة على الأفعال، والأفعال دالة على الصفات؛ فإن المفعول يدل على فاعل فعله، وذلك يستلزم وجوده وقدرته ومشيئته وعلمه؛ لاستحالة صدور الفعل الاختياري من معدوم أو موجود لا قدرة له ولا حياة ولا علم ولا إرادة، ثم ما في المفعولات من التخصيصات المتنوعة دال على إرادة الفاعل، وأن فعله ليس بالطبع بحيث يكون واحدا غير متكرر، وما فيها من المصالح والحكم والغايات المحمودة دال على حكمته تعالى، وما فيها من النفع والإحسان والخير دال على رحمته، وما فيها من البطش والانتقام والعقوبة دال على غضبه، وما فيها من الإكرام والتقريب والعناية دال على محبته، وما فيها من الإهانة والإبعاد والخذلان دال على بغضه ومقته، وما فيها من ابتداء الشيء في غاية النقص والضعف ثم سوقه إلى تمامه ونهايته دال على وقوع المعاد، وما فيها من أحوال النبات والحيوان وتصرف المياه دليل على إمكان المعاد، وما فيها من ظهور آثار الرحمة والنعمة على خلقه دليل على صحة النبوات، وما فيها من الكمالات التي لو عدمتها كانت ناقصة دليل على أن معطي تلك الكمالات أحق بها، فمفعولاته من أدل شيء على صفاته وصدق ما أخبرت به رسله عنه، فالمصنوعات شاهدة تصدق الآيات المسموعات، منبهه على الاستدلال بالآيات المصنوعات" (١).

خامساً: بيان الحكمة في خلق هذه الآيات الكونية، وأن ذلك بالحق، وأنها لم تخلق عبثاً.

قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (٣٨) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (٢).


(١) الفوائد: ٣٢، وانظر: تفسير ابن سعدي: ٢/ ٦٩٩.
(٢) الدخان: ٣٨ - ٣٩.

<<  <   >  >>