للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (١).

النوع الثاني: أسباب ظاهرة: وهي ما كان معلوماً بالتجربة والحس (٢)، كولادة عموم الناس.

وقد يجتمع في الشيء الواحد سبب ظاهر وسبب خفي، فالكسوف والخسوف لهما أسباب ظاهرة يعلمها الناس عن طريق الحساب وعلوم الفلك، ولهما أسباب غير ظاهرة لا تعلم إلا عن طرق الشرع، فهما آيتان يخوف الله بهما عباده (٣).

ولا تنافي بينهما - أي السبب الظاهر والخفي-؛ لأن الأمور العظيمة كالخسف بالأرض، والزلازل، والصواعق، وشبهها التي يحس الناس بضررها، وأنها عقوبة، لها أسباب طبيعية يقدرها الله حتى تكون المسبَّبات، وتكون الحكمة من ذلك هي تخويف العباد، فالزلازل لها أسباب، والصواعق لها أسباب، والبراكين لها أسباب، والعواصف لها أسباب، لكن يقدر الله هذه الأسباب من أجل استقامة الناس على دين الله، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (٤)، "ولكن تضيق قلوب كثير من الناس عن الجمع بين السبب الحسي والسبب الشرعي، وأكثر الناس أصحاب ظواهر لا يعتبرون إلا بالشيء الظاهر" (٥).


(١) آل عمران: ٤٧.
(٢) انظر: الرد على المنطقيين لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: عبد الصمد شرف الدين، مؤسسة الريان، بيروت، ط ١: ٣٠٥.
(٣) انظر: مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين: ١٦/ ٢٨٩.
(٤) الروم: ٤١.
(٥) الشرح الممتع على زاد المستقنع: ٥/ ١٧٧.

<<  <   >  >>