للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: بل خلق الله فيهما الكلام فتكلمتا كما أراد تعالى (١).

ومنهم من جعل قول السماء هو الموجات الصوتية التي حدثت عند انفجار الكون، أو أنه ذبذبات كونية هادئة (٢).

"بل إنهم يصورن ذلك في رسوم بيانية، ويزعمون من خلال تحليل العلماء لهذه الذبذبات أن الكون كان هادئاً ومطيعاً، وانه يوافق قول الله تعالى عن السماء في بداية الخلق" (٣): {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (٤).

والجواب أن هذه التأويلات والتحريفات باطلة؛ فإن الله - عز وجل - قادر على مخاطبة الجمادات (٥)، قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (٦).

وما في نطق السماء من العجب؟ " والله تبارك وتعالى ينطق الجلود، والأيدي، والأرجل، ويسخّر الجبال والطير، بالتّسبيح. قال تعالى: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} (٧)، وقال: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} (٨)، أي سبّحن معه، وقال: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (٩)." (١٠).


(١) تفسير القرطبي: ١٥/ ٣٤٤.
(٢) أسرار الكون بين العلم والقرآن: ٣، ٢٩.
(٣) المرجع السابق: ٣١.
(٤) فصلت: ١١.
(٥) انظر: مبحث عبودية الكائنات: ٦٥.
(٦) الأحزاب: ٧٢.
(٧) ص: ١٩.
(٨) سبأ: ١٠.
(٩) الإسراء: ٤٤.
(١٠) تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة، تحقيق: السيد أحمد صقر، دار التراث، القاهرة، ط ٢: ١١٣.

<<  <   >  >>