للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (١).

فحدوث هذه الأشياء المشاهدة وإيجادها بعد العدم، وعدمها بعد الوجود دليل على وجود الله؛ لأنها لم تحدث بنفسها فلا بد لها من موجد أوجدها وهو الرب, فإذا" كنت كما تدعي من أنك أنت الذي تحيي وتميت فالذي يحيي ويميت هو الذي يتصرف في الوجود، في خلق ذواته، وتسخير كواكبه وحركاته، فهذه الشمس تبدو كل يوم من المشرق، فإن كنت إلهًا كما ادعيت تحيي وتميت فأت بها من المغرب.

فلما علم عجزه وانقطاعه، وأنه لا يقدر على المكابرة في هذا المقام بهت أي أخرس فلا يتكلم، وقامت عليه الحجة" (٢).

وفي" ضمن هذه المناظرة من حسن الاستدلال بأفعال الرب المشهودة المحسوسة التي تستلزم وجوده وكمال قدرته ومشيئته وعلمه ووحدانيته من الإحياء والإماتة المشهودين الذين لا يقدر عليهما إلا الله وحده، وإتيانه تعالى بالشمس من المشرق لا يقدر أحد سواه على ذلك" (٣).

وقد ذكر الله - عز وجل - من الأدلة على وجوده وقدرته التامة خلق الشمس وجريانها (٤)، فقال تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (٥).

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله" (٦)، " أي دليلان


(١) البقرة: ٢٥٨.
(٢) تفسير ابن كثير: ١/ ٦٨٦، وانظر: تفسير السعدي: ١١١.
(٣) مفتاح دار السعادة: ٢/ ٢٨٥.
(٤) انظر: تفسير الطبري: ٢٣/ ٩، وتفسير القرطبي: ١٥/ ٢٦، تفسير ابن كثير: ٦/ ٥٧٥.
(٥) يس: ٣٧ - ٣٨.
(٦) سبق تخريجه: ٥.

<<  <   >  >>