للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل المراد بسجود الشمس هو سجود الملَك الموكل بها (١).

وأما سجودها تحت العرش، فإن العرش لعظم ذاته كالرحى فأينما سجدت الشمس سجدت تحت العرش وذلك مستقرها (٢).

وقيل المراد بالسجود تحت العرش هو وقوعها تحته حقيقة في آخر الدنيا عند انقضاء مهمتها، وسكون حركتها. والمعنى أن الشمس تبقى في شأنها إلى أن يأذن الله بفساد العالم، فتقع تحت العرش ساجدة (٣).

وقيل أن تقييد السجود بتحت العرش كناية عن رجوعها إلى الله، ومبالغة في الانقياد وعبارة عن تمام ذلك. والمعنى في ذلك المبالغة، ولا تراد الحقيقة. فقوله إنها تسجد تحت العرش يعنى أنها خاضعة له أكمل الخضوع وأتمه (٤).

فالحديث عبارة عن أن الشمس مسخرة لله، خاضعة لأمره الكوني، سائرة على حسب ما أراد وقدر، حتى كأنها عاقلة، تسمع خطابه (٥).

والجواب أنه قد سبق في مبحث عبودية الكائنات (٦) أن هذه الآيات الكونية تسجد لله سجوداً حقيقياً الله أعلم بكيفيته، وأن كل شيء يسجد لله طوعا وكرها، وأن سجود كل شيء مما يختص به (٧)، كما قال تعالى: {تُسَبِّحُ


(١) انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري: ١٥/ ١١٩.
(٢) انظر: المرجع السابق: ٢٢/ ١١٩.
(٣) انظر: فتح الباري: ٨/ ٥٤٢، ومشكلات الأحاديث النبوية: ١٦٤.
(٤) مشكلات الأحاديث النبوية: ١٦٣.
(٥) انظر: فتح الباري: ٦/ ٢٢٣، وطرح التثريب في شرح التقريب، للحافظ العراقي، دار أم القرى، القاهرة: ٧/ ٢٤٧، ومشكلات الأحاديث النبوية: ١٦٥.
(٦) انظر: ٦٥.
(٧) انظر: تفسير ابن كثير: ٥/ ٤٠٣.

<<  <   >  >>