للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستعاذة بالله عند شدة الريح، فعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: بينا أنا أسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الجحفة والآبواء؛ إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ بـ: {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (١)، و {أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (٢)، ويقول: " يا عقبة! تعؤذ بهما؛ فما تعوذ متعوذ بمثلهما! ". قال: وسمعته يؤمنا بهما في الصلاة (٣).

ومن الدلائل السماوية على ألوهية الله أن الله - عز وجل - يرسل الرياح بين يدي السحاب الذي فيه مطر، يغيث به عباده المجدبين الأزلين القنطين، قال تعالى: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}، ثم قال تعالى: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (٤) أي أإله مع الله فعل هذا، فيستحق أن يعبد! . فإذا كان الله هو الذي يفعل هذا الأمر وحده إذا فهو المستحق للعبادة وحده (٥).

وقد ذكر الله - عز وجل - من الأدلة على تفرده بالإلهية تفرده بالخلق والملك والتصرف، ومما ذكر سبحانه وتعالى تصريف الرياح، تارة تأتي بالرحمة وتارة تأتي بالعذاب، تارة تأتي مبشرة بين يدي السحاب، وتارة تسوقه، وتارة تجمعه، وتارة تفرقه، وتارة تصرفه، ثم تارة تأتي من الجنوب، وتارة من الشمال، وتارة من الشرق، وتارة من الغرب (٦)، قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ


(١) الفلق: ١.
(٢) الناس: ١.
(٣) سنن أبي داود، كتاب الوتر، باب في المعوذتين: ١٧٦ برقم (١٤٦٣)، وصححه الألباني، انظر: صحيح سنن أبي داود: ١/ ٢٧٥.
(٤) النمل: ٦٣.
(٥) انظر: تفسير ابن كثير: ٦/ ٢٠٦.
(٦) انظر: المرجع السابق: ١/ ٤٧٥.

<<  <   >  >>