للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتكلم لا بد أن يكون له لسان وجوف وشفتان، أن الله - عز وجل - أخبر أن السماء تكلمت، في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (١)، فكذلك يستدل بتكلم الأرض على إثبات صفة الكلام لله - عز وجل - ويرد على من زعم أن المتكلم لا بد أن يكون له لسان وجوف وشفتان (٢).

[رابعاً: توحيد الألوهية]

الله -تعالى- يذكر ويعدد من دلائل إنفراده بالتصرف والخلق - في الأرض وغيرها - مما هو مشاهد وأضح الدلالة على المشركين لإفراد الله - عز وجل - بالعبادة (٣).

قال تعالى: {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (٤).

أي"أعبادة ما تشركون أيها الناس بربكم خير وهو لا يضر ولا ينفع، أم الذي جعل الأرض لكم قرارا تستقرون عليها لا تميد بكم {وَجَعَلَ} لكم {خِلَالَهَا أَنْهَارًا} يقول: بينها أنهارا {وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ} وهي ثوابت الجبال، {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا} بين العذب والملح، أن يفسد أحدهما صاحبه {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} سواه فعل هذه الأشياء فأشركتموه في عبادتكم إياه؟

وقوله: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} يقول تعالى ذكره: بل أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون قدر عظمة الله، وما عليهم من الضر في إشراكهم في


(١) فصلت: ١١.
(٢) انظر: درء تعارض العقل والنقل: ٢/ ٣٩٣، ٤/ ١٥٩.
(٣) التحرير والتنوير: ٢٤/ ١٨٩، ١٧/ ٥٧ وانظر: تفسير ابن كثير: ٧/ ٣٩٦.
(٤) النمل: ٦١.

<<  <   >  >>