للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم من يفسر الزلازل والخسوف والبراكين تفسيرا ماديا بحتًا، فيقولون أن سبب هذا الزلزال ضعف في القشرة الأرضية، ووجود اختلالات وفجوات في داخلها، أو أن هذا شيء يحصل في الكرة الأرضية كل مائتي عام.

والجواب عن هذا أن نقول نحن لا ننكر وجود مثل هذه الأسباب (١)، ولكننا يجب أن نعلم أن وراء هذه الأسباب المادية أسباباً شرعية هي التي سببت هذا الخلل في القشرة الأرضية أو غيره من الأسباب، ثم حصلت تلك الكوارث والمصائب، فهذه الأسباب المادية التي يذكرونها -إن صحت- لا تعدو أن تكون وسيلة لما تقتضيه الأسباب الشرعية من المصائب والعقوبات العامة. يقول الله تعالى بعد أن ذكر مصارع الأمم السالفة: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (٢).

وهذه"الزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده كما يخوفهم بالكسوف وغيره من الآيات والحوادث لها أسباب وحكم فكونها آية يخوف الله بها عباده هي من حكمة ذلك.

وأما أسبابه فمن أسبابه انضغاط البخار في جوف الأرض كما ينضغط الريح والماء في المكان الضيق فإذا انضغط طلب مخرجا فيشق ويزلزل ما قرب منه من الأرض.

وأما قول بعض الناس إن الثور يحرك رأسه فيحرك الأرض فهذا جهل، وإن نقل عن بعض الناس، وبطلانه ظاهر، فإنه لو كان كذلك لكانت الأرض


(١) انظر: فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ: ٣/ ١٠٦ ومجلة البحوث العدد ٧٧: ٤٥.
(٢) العنكبوت: ٤٠.

<<  <   >  >>