للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الدلائل العقدية للآية الكونية - النوم-]

يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} (١).

ويقول تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} (٢).

فأخبر الله - عز وجل - أن من علامات قدرته ورحمته تعالى التمكين من الراحة من التعب، والهدوء والاستقرار بالليل، وأن في هذه الآية من الدلالات والعبر لمن تدبرها وتأملها، وذلك من وجهين:

"أحدهما: أن هذين حالتان متعاورتان على الناس، قد اعتادوهما، فقل من يتدبر في دلالتهما على دقيق صنع الله تعالى، فمعظم الناس في حاجة إلى من يوقفهم على هذه الدلالة ويرشدهم إليها.

وثانيهما: أن في ما يسمعه الناس من أحوال النوم ما هو أشد دلالة على عظيم صنع الله تعالى مما يشعر به صاحب النوم من أحوال نومه؛ لأن النائم لا يعرف من نومه إلا الاستعداد له، وإلا أنه حين يهب من نومه يعلم أنه كان نائما، فأما حالة النائم في حين نومه ومقدار تنبهه لمن يوقظه، وشعوره بالأصوات التي تقع بقربه، والأضواء التي تنتشر على بصره فتنبهه أو لا تنبهه، كل ذلك لا يتلقاه النائم إلا بطريق الخبر من الذين يكونون أيقاظا في وقت نومه. فطريق العلم بتفاصيل أحوال النائمين واختلافها السمع، وقد يشاهد


(١) الروم: ٢٣.
(٢) الفرقان: ٤٧.

<<  <   >  >>