للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرء حال نوم غيره إلا أن عبرته بنومه الخاص به أشد، فطريق السمع هو أعم الطرق لمعرفة تفاصيل أحوال النوم، فلذلك قيل {لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}، وأيضاً لأن النوم يحول دون الشعور بالمسموعات بادئ ذي بدء قبل أن يحول دون الشعور بالمبصرات" (١).

كما أن الله - عز وجل - يضرب لنا مثل الموت والبعث كمثل النوم والاستيقاظ حتى يقرّب المعنى إلى عقولنا (٢)، فيقول تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (٣).

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في بيان شأن هذه الآية الكونية: "فهذا النوم من آيات الله - عز وجل -، تأتي القوم مثلا في حجرة أو في سطح أو في بر، وهم نيام كجثث موتى لا يشعرون بشيء، ثم هؤلاء القوم يبعثهم الله - عز وجل -، ثم إن الإنسان يعتبر بالنوم اعتبارا آخر، وهو إحياء الأموات بعد الموت، فإن القادر على رد الروح حين يصحو الإنسان ويستيقظ ويعمل عمله في الدنيا، قادر على أن يبعث الأموات من قبورهم، وهو على كل شيء قدير" (٤).

[أولاً: وجود الله]

لما ذكر الله - عز وجل - حال المعرضين عن التوحيد وجهلهم بقوله تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ


(١) التحرير والتنوير: ٢١/ ٧٦، ٩/ ٤٥.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير: ٧/ ١٠١.
(٣) الزمر: ٤٢.
(٤) شرح رياض الصالحين، للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين: مدار الوطن، الرياض، طبعة عام ١٤٢٦ هـ: ٤/ ٣٣٤.

<<  <   >  >>