للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان واعيا، وهذا من أعظم الدلالات على الفاعل المختار، الذي بقدرته فاوت بين الأشياء وخلقها على ما يريد؛ ولهذا قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} " (١).

وفي"تفاوتها أيضاً دليل عقلي على مشيئة الله تعالى، التي خصصت ما خصصت منها، بلونه، ووصفه، وقدرة الله تعالى حيث أوجدها كذلك، وحكمته ورحمته، حيث كان ذلك الاختلاف، وذلك التفاوت، فيه من المصالح والمنافع، ومعرفة الطرق، ومعرفة الناس بعضهم بعضا، ما هو معلوم. وذلك أيضا، دليل على سعة علم الله تعالى" (٢).

وأخبر الله - عز وجل - أن النبات إنما يخرج بإذن الله وإرادته، وليست الأسباب مستقلة بذلك (٣)، فقال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} (٤).

[تاسعاً: منزلة الصحابة]

بين الله - عز وجل - أن مثل الصحابة في الإنجيل في مناصرتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتأييدهم ومآزرتهم له كمأزرة فراخ الزرع للزرع إلى أن يشب ويقوى.

قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ (٥) فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ


(١) تفسير ابن كثير: ٤/ ٤٣٢، ٣/ ٣٠٧.
(٢) تفسير السعدي: ٦٨٨.
(٣) انظر: تفسير السعدي: ٢٩٢.
(٤) الأعراف: ٥٨.
(٥) شطأه: أي فراخه. انظر: تفسير ابن كثير: ٧/ ٣٦٢.

<<  <   >  >>