للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، إن قاصاً يقص ويزعم أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام، فقال عبد الله، وجلس وهو غضبان: يا أيها الناس اتقوا الله، من علم منكم شيئا فليقل بما يعلم، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإنه أعلم لأحدكم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم، فإن الله - عز وجل - قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} (١)، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى من الناس إدبارا قال لهم: " اللهم سبع كسبع يوسف قال: فأخذتهم سنة حصت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع، وينظر إلى السماء أحدهم فيرى كهيئة الدخان" (٢).

٢ - وذهب كثير من العلماء إلى أن الدخان هو من الآيات المنتظرة التي لم تأت بعد، وسيقع قرب يوم القيامة.

وقد رجح الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هذا القول مستدلا بالأحاديث التي سبق ذكرها عند الاستدلال على هذه الآية (آية الدخان).

قال ابن كثير - رحمه الله - بعد ذكر الأدلة وقول ابن عباس - رضي الله عنه - في أن الدخان من الآيات المنتظرة"وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم -، مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرها التي أوردوها مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة، مع أنه ظاهر القرآن، قال الله تبارك وتعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} أي بين


(١) ص: ٨٦.
(٢) صحيح مسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب الدخان: ٤/ ٢١٥٥، برقم (٢٧٩٨).

<<  <   >  >>