للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" فيوم القيامة من الأمور الغيبية التي لا يصح الكلام فيها إلا بدليل من الكتاب أو السنة ... كما أن الآخرة لا تنطبق عليها نواميس الدنيا ... فلها نواميس مختلفة ... ولذلك لا يصح أن نطبق قوانين الدنيا على الآخرة ... وإنما نصدق بما جاءنا عن رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - ... ولا نخوض في أشياء غيبية لا نعرفها ... لأن هذا من القول بغير علم ... وقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (١) " (٢).

وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - عن الوفاء ابن عقيل (٣) - رحمه الله - جواباً لمن ذكر لماذا يخرب الله العالم عند يوم القيامة؟ .

قال ابن القيم - رحمه الله -: " وقرأ قارئ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، وفي الحاضرين أبو الوفاء ابن عقيل، فقال له قائل: يا سيدي هب أنه أنشر الموتى للبعث والحساب، وزوج النفوس بقرنائها بالثواب والعقاب، فلم هدم الأبنية، وسير الجبال، ودك الأرض، وفرط السماء، ونثر النجوم، وكورت الشمس؟ فقال: إنما بنى لهم الدار للسكنى والتمتع، وجعلها وجعل ما فيها للاعتبار والتفكر والاستدلال عليه لحسن التأمل والتذكر. فلما انقضت مدة السكنى وأجلاهم من الدار خربها لانتقال الساكن منها، فأراد أن يعلمهم بأن الكون كان معموراً


(١) الإسراء: ٣٦.
(٢) موسوعة الإعجاز العلمي ليوسف الحاج: ٤٠٤.
(٣) هو أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل، من علماء الحنابلة، وله مؤلفات كثيرة، منها: كتاب الفنون، الذي يزيد على أربعمائة مجلد، توفي عام ٥١٣. انظر: سير أعلام النبلاء: ١٩/ ٤٤٣، وشذرات الذهب: ٦/ ٥٨.

<<  <   >  >>