كتاب الدلالات العقدية للآيات الكونية

هو أعم من ذلك كله، فقال: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} " (١).

رابعاً: ذكرها على سبيل العموم والإجمال في الغالب، فالألفاظ القرآنية التي في سياق ذكر آيات الكون تتسم بعموم وإجمال، دون الخوض في تفاصيل وأجزاء الآيات الكونية؛ لأن الغرض والغاية من تلك الحقائق الكونية المذكورة في القرآن الكريم الاستدلال بها على المسائل الكبرى في هذا الدين، وتفاصيل وأجزاء تلك الحقائق الكونية غير مرادة (٢)؛ لأنها لا تحقق الهدف، فإن أكثر الناس لا يدرك تفاصيل الحقائق الكونية، مما يجعله لا يستوعب الحديث عنها بهذا القدر التفصيلي.

ولا يعنى هذا أن القرآن الكريم لم يرد فيه مواضع جاءت مفصلة، إذ وردت ألفاظ في غاية الدقة والانتقاء لتعبر عن أوصاف دقيقة، كقوله تعالى في وصف مراحل تخلّق الجنين في رحم أمه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (٣).

قال الشيخ محمد بن عثيمين (٤)

- رحمه الله - في تفسير سورة البقرة في فوائد قوله

(١) تفسير ابن سعدي: ٣/ ١١٤٢ - ١١٤٣.
(٢) انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن: ٢/ ٢٧٧، وسمات الآيات الكونية الواردة في القرآن الكريم: ٦.
(٣) المؤمنون: ١٢ - ١٤.
(٤) هو أبو عبد الله محمد بن صالح بن عثيمين، الفقيه المفسر، له من المؤلفات: الشرح الممتع على زاد المستقنع، وتقريب التدمرية، وشرح العقيدة الواسطية، وشرح كتاب التوحيد وغيرها من الكتب، توفي عام ١٤٢١.

انظر: الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثيمين لوليد بن أحمد الحسين، سلسلة إصدارات مجلة الحكمة، لندن، ط ١، ومقدمة مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن عثيمين لفهد السليمان، دار الثريا، الرياض، ط ٢: ١/ ٩.