للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الثالث: الهدي المتعلق بالغرض والغاية الذي سيقت لأجله تلك الآيات الكونية.

أولاً: الاستدلال بها على أصول العقائد.

فهذه الآيات الكونية وما تدل عليه من حقائق علمية، لم تذكر في القرآن الكريم لمجرد الذكر، أو من أجل بيانها للناس ودلالتهم عليها ابتداءً، وإنما هي سيقت تابعا للغرض والهدف الذي ذكرت في ثناياه، فهي سيقت في سبيل الاستدلال بها على قضايا كبرى كالألوهية والنبوات والبعث والإيمان بالملائكة والكتب واليوم الآخر، وهذا النوع كثير في القرآن (١).

قال ابن القيم - رحمه الله -: " وهذه طريقة القرآن في إرشاده الخلق إلى الاستدلال بأصناف المخلوقات وأحوالها على إثبات الصانع وعلى التوحيد والمعاد والنبوات، فمرة يخبر أنه لم يخلق خلقه باطلا ولا عبثا، ومرة يخبر أنه خلقهم بالحق، ومرة يخبرهم وينبههم على وجوه الاعتبار والاستدلال بها على صدق ما أخبرت به رسله حتى يبين لهم أن الرسل إنما جاؤوهم بما يشاهدون أدلة صدقه، وبما لو تأملوه لرأوه مركوزا في فطرهم مستقرا في عقولهم، وأن ما يشاهدونه من مخلوقاته شاهد بما أخبرت به رسله عنه من أسمائه وصفاته وتوحيده ولقائه ووجود ملائكته، وهذا باب عظيم من أبواب الإيمان إنما يفتحه الله على من سبقت له منه سابقة السعادة وهذا أشرف علم يناله العبد في هذه الدار" (٢).


(١) انظر: مباحث في علوم القرآن لمناع القطان، مكتبة المعارف، الرياض، ط ٣: ٣١٣، وسمات الآيات الكونية في القرآن الكريم: ١.
(٢) بدائع الفوائد لابن القيم، دار الكتاب العربي، بيروت: ٤/ ١٦٢ - ١٦٣.

<<  <   >  >>