للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضي تم ذلك، وإن سخط انتقض ما بينه وبين الروم؛ وأما القبط فبغير خيار. وكان الذي انعقد عليه الصلح أن فرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط ديناران عن كل نفس في كل سنة من البالغين؛ شريفهم ووضيعهم دون الشيوخ والأطفال والنساء، وعلى أن للمسلمين عليهم النزل (١) حيث نزلوا، وضيافة ثلاثة أيام لكل من نزل منهم؛ وأن لهم أرضهم وبلادهم، لا يعترضون في شيء منها.

فمن قال مصر فُتحت صلحا تعلق بهذا الصلح، وقال: إن الأمر لم يتم إلا بما جرى بين عبادة بن الصامت وبين المقوقس؛ وعلى ذلك أكثر العلماء من أهل مصر؛ منهم عقبة بن عامر ويزيد بن أبي حبيب والليث بن سعد وغيرهم، وذهب الذين قالوا إنها فُتحت عنوة إلى أن الحصن فُتح عنوة؛ فكان حكم جميع الأرض كذلك.

وممن قال إنها فتحت عنوة، عبيد الله بن المغيرة السبئي وعبد الله بن وهب ومالك بن أنس وغيرهم.

وذهب بعضهم إلى أن بعضها فُتح عنوة وبعضها فُتح صلحا، منهم ابن شهاب وابن لهيعة، وكان فتحها مستهل المحرم سنة عشرين.

وذكر يزيد بن أبي حبيب أن عدد الجيش الذي كان مع عمرو بن العاص خمسة عشر ألفا وخمسمائة.

وذكر عبد الرحمن بن سعيد بن مقلاص (٢) ، أن الذين جرت سهامهم في الحصن من المسلمين اثنا عشر ألفا وثلاثمائة بعد من أصيب منهم في الحصار من القتل والموت.

ويقال إن الذين قتلوا في مدة هذا الحصار من المسلمين دفنوا في أصل الحصن.

ثم سار عمرو بن العاص إلى الإسكندرية في شهر ربيع الأول سنة عشرين -وقيل في جمادى الآخرة- فأمر بفسطاطه أن يقوض (٣) ، فإذا بيمامة قد باضت في أعلاه، فقال:


(١) ط: "النزل والضيافة".
(٢) ح، ط: "مقدام".
(٣) ح، ط: "يعرض".