للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في القصير؟ قلنا: قصير موسى قال: ليس بقصير موسى، ولكنه قصير عزيز مصر، كان إذا جرى النيل يترفع فيه، وعلى ذلك إنه لمقدس من الجبل إلى البحر (١) .

حدثنا هانئ بن المتوكل، عن ابن لهيعة ورشدين بن سعد، عن الحسن بن ثوبان، عن حسين بن شفي الأصبحي، عن أبيه شفي بن عبيد، أنه لما قدم مصر -وأهل مصر أتخذوا مصلى بحذاء ساقيه أبي عون التي عند العسكر- فقال: ما لهم وضعوا مصلاهم في الجبل الملعون، وتركوا الجبل المقدس (١) .

حدثنا أبو الأسود نصر بن عبد الجبار، أنبأنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، أن رجلًا سأل كعبًا عن جبل مصر، فقال: إنه لمقدس ما بين القصير إلى اليحموم (١) .

وأخرج ابن عساكر في تاريخه، عن سفيان بن وهب الخولاني، قال: بينما نحن نسير مع عمرو بن العاص في سفح المقطم، ومعنا المقوقس، فقال له: يا مقوقس، ما بال جبلكم هذا أقرع، ليس عليه نبات ولا شجر، على نحو من جبال الشام! قال: ما أدري؛ ولكن الله أغنى أهله بهذا النيل عن ذلك؛ ولكنا نجد تحته ما هو خير من ذلك، قال: وما هو؟ قال: ليدفنن تحته قوم يبعثهم الله يوم القيامة لا حساب عليهم، فقال عمرو: اللهم اجعلني منهم.

وقال الكندي: ذكر أسد بن موسى، قال: شهدت جنازة (٢) مع ابن لهيعة، فجلسنا حوله، فرفع رأسه، فنظر إلى الجبل، فقال: إن عيسى عليه الصلاة والسلام مر بسفح هذا الجبل، وأمه إلى جانبه، فقال: يا أماه، هذه مقبرة أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قال الكندي: وسأل عمرو بن العاص المقوقس: ما بال جبلكم هذا أقرع، ليس عليه نبات كجبال الشام؟ فقال المقوقس: وجدنا في الكتب، أنه كان أكثر الجبال شجرًا، ونباتًا وفاكهة، وكان ينزله المقطم بن مصر بن يبصر بن حام بن نوح، فلما كانت


(١) فتوح مصر ١٥٧-١٥٨.
(٢) الجنازة: الميت.