للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في ذلك ستة أشهر بالصعيد، حتى بلغ أسوان ومعه جماعة من الأعوان والكتاب يكفونه ذلك بجد وتشمير وثلاثة أشهر بأسفل الأرض، فأحصوا من القرى أكثر من عشرة آلاف قرية، فلم يحص فيها في أصغر قرية منها أقل من خمسمائة جمجمة من الرجال الذين يفرض عليهم الجزية (١) .

حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، أن عمرًا جبى مصر اثني عشر ألف ألف، وجباها المقوقس قبله سنة عشرين ألف ألف، فعند ذلك كتب إليه عمر بن الخطاب:

بسم الله الرحمن الرحيم.

من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص. سلام عليك؛ فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد؛ فإني فكرت في أمرك والذين أنت

عليه، فإذا أرضك أرض واسعة عريضة رفيعة، قد أعطى الله أهلها عددًا وجلدًا وقوة في بر وبحر، وأنها قد عالجتها الفراعنة، وعملوا فيها عملًا محكمًا، مع شدة عتوهم وكفرهم، فعجبت من ذلك؛ وأعجب مما أعجبت، أنها لا تؤدي نصف ما كانت تؤديه من الخراج قبل ذلك على غير قحوط ولا جدوب؛ ولقد أكثرت في مكاتبتك في الذي على أرضك من الخراج، وظننت أن ذلك سيأتينا على غير نزر، ورجوت أن تفيق فترفع إليَّ ذلك؛ فإذا أنت تأتيني بمعاريض تعبأ بها (٢) لا توافق الذي في نفسي؛ ولست قابلًا منك دون الذي كنت تُؤخذ به من الخراج قبل ذلك. ولست أدري ما الذي أنفرك من كتابي وقبضك! فلئن كنت مجزئًا كافيًا صحيحًا، إن البراءة لنافعة، ولئن كنت مضيعًا نطفًا (٣) إن الأمر لعلى غير ما تُحدث به نفسك. وقد تركت أن أبتغي ذلك منك في العام الماضي في رجاء أن تفيق فترفع إليَّ ذلك؛ وقد علمت أنه لم يمنعك من ذلك إلا عمالك عمال السوء، وما توالس


(١) فتوح مصر ١٥٦.
(٢) كذا في المقريزي، وفي الأصول: "تنتالها".
(٣) نطف الرجل؛ إذا اتهم بريبة.