للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ضيعه الولاة بعد ذلك، فترك وغلب عليه الرمل، فانقطع، وصار منتهاه إلى ذنب التمساح من ناحية طحا القلزم (١) .

قال ابن عبد الحكم: وحدثني أخي عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن -قال: حسبته، عن عروة- أن عمر بن الخطاب قال لعمرو بن العاص حين قدم عليه: "قد عرفت الذي أصاب العرب" (٢) ، وليس جند من الأجناد أرجى عندي من أن يغيث الله بهم أهل الحجاز من جندك؛ فإن استطعت أن تحتال لهم حيلة حتى يُغيثهم الله! فقال

عمرو: "ما شئت يا أمير المؤمنين" (٣) ، قد عرفت أنه كانت تأتينا سفن فيها تجار من أهل مصر قبل الإسلام، فلما فتحنا مصر، انقطع ذلك الخليج واستد، وتركته التجار، فإن شئت أن تحفره فتنشئ فيه سفنًا يُحمل فيها الطعام إلى الحجاز فعلته! قال عمر: نعم، فحفره عمرو، وعالجه وجعل فيه السفن (٤) .

حدثنا أبي، سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، أن رجلًا أتى عمرو بن العاص من قبط مصر، قال: أرأيتك إن دللتك على مكان تجري فيه السفن، حتى تنتهي إلى مكة والمدينة، أتضع عني الجزية وعن أهل بيتي؟ قال: نعم، فكتب إلى عمر، فكتب إليه أن افعل؛ فلما قدمت السفن الحجاز خرج عمر حاجًّا أو معتمرًا، فقال الناس: سيروا بنا ننظر إلى السفن التي سيرها الله إلينا من أرض فرعون (٥) .

قال ابن زولاق: وليس بمصر خليج إسلامي غيره. قال: وكان حجاج البحر يركبون فيه من ساحل تنيس يسيرون فيه، ثم ينتقلون بالقلزم إلى المراكب الكبار.


(١) فتوح مصر ١٦٣-١٦٤.
(٢) فتوح مصر: "يا عمرو، إن العرب قد تشاءمت بي، وكادت أن تهلك على رجلي، وقد عرفت الذي أصابها".
(٣) من فتوح مصر.
(٤) فتوح مصر ١٦٤.
(٥) فتوح مصر ١٦٦.