للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من قرب منه وثبت إليه من ناحية قصده، وطوقت على عنقه فتقتله، ثم تعود إلى مكانها. وجعل خازن الهرم الشرقي صنمًا من جزع أسود، وله عينان مفتوحتان براقتان، وهو جالس على كرسي، ومعه شبه حربة إذا نظر إليه ناظر سمع من جهته صوتًا يفزع قلبه، فيخر على وجهه، ولا يبرح حتى يموت، وجعل خازن الهرم الملون صنمًا من حجر البهت (١) على قاعدة، من نظر إليه اجتذبه الصنم حتى يلتصق به، ولا يفارقه حتى يموت.

وذكر القبط في كتبهم أن عليها كتابة منقوشة وتفسيرها بالعربية: "أنا سوريد الملك، بنيت الأهرام في وقت كذا وكذا، وأتممت بناءها في ست سنين، فمن أتى

بعدي، وزعم أنه مثلي فليهدمها في ستمائة سنة، وقد علم أن الهدم أيسر من البناء، وإني كسوتها عند فراغها بالدبياج، فليكسها بالحصر".

ولما دخل الخليفة المأمون مصر، ورأى الأهرام، أحب أن يعلم ما فيها، فأراد فتحها، فقيل له: إنك لا تقدر على ذلك، فقال: لا بد من فتح شيء منها، ففتحت له الثلمة المفتوحة الآن بنار توقد وخل يرش وحدادين يحدون الحديد ويحمونه، ومناجيق يرمى بها. وأنفق عليها مالًا عظيمًا حتى انفتحت، فوجد عرض الحائط عشرين ذراعًا؛ فلما انتهوا إلى آخر الحائط، وجدوا خلف النقب مطمرة من زبرجد أخضر، فيها ألف دينار، وزن كل دينار أوقية من أواقينا؛ فتعجبوا من ذلك، ولم يعرفوا معناه. فقال المأمون: ارفعوا إليَّ حساب ما أنفقتم على فتحها، فرفعوه؛ فإذا هو قدر الذي وجدوه، لا يزيد ولا ينقص، ووجدوا داخله بئر مربعة، في تربيعها أربعة أبواب، يُفضي كل باب منها إلى بيت فيه أموات بأكفانهم، ووجدوا في رأس الهرم بيتًا فيه حوض من الصخر، وفيه صنم كالآدمي من الدهنج (٢) ، وفي وسطه إنسان عليه


(١) البهت: نوع من الأحجار.
(٢) الدهنج: جوهر كالزمرد.