للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجميز والغروس، فكأنه لما عمر الملك الصالح مناظر قلعة الجزيرة قطعت النخل، ودخلت في العمائر.

وأما الجميز فإنه كان بشاطئ بحر النيل صف جميز يزيد على أربعين شجرة، وكان أهل مصر فرجهم تحتها في زمن النيل والربيع، قطعت جميعها في الدولة الظاهرية، وعمر بها شواني عوض الشواني التي كان سيرها إلى جزائر قبرص، وتكسرت هناك، واستمر تدريس المدرسة التقوية بيد القاضي فخر الدين إلى حين وفاته، ثم وليها بعده ولده القاضي عماد الدين أبو الحسن علي، وفي أيامه تسلم له القطعة المستأجرة من الجزيرة أولا، وبقي بيد السلطنة القطعة الثانية إلى الآن، وكان الإفراج عنهما في شهور سنة ثمان وتسعين وستمائة في الدولة الناصرية، ولم يزل القاضي عماد الدين مدرسها إلى حين وفاته، فوليها ولده وهو مدرسها الآن في شعبان سنة أربع عشرة وسبعمائة. هذا كله كلام ابن المتوج.

ولم تزل الروضة متنزها ملوكيًّا، ومسكنا للناس إلى ان تسلطن الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل محمد، فأنشأ بالروضة قلعة، واتخذها سرير ملك، فعرفت بقلعة المقياس، وبقلعة الروضة، وبقلعة الجزيرة وبالقلعة الصالحية. وكان الشروع في حفر أساسها يوم الأربعاء خامس شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة، ووقع الهدم في الدور والقصور والمساجد التي كانت بجزيرة الروضة، وتحول الناس من مساكنهم التي كانت بها، وهدم كنيسة كانت لليعاقبة بجانب

المقياس، وأدخلها في القلعة، وأنفق في عمارتها أموالا جمة، وبنى فيها الدور والقصور، وعمل لها ستين برجًا، وبنى بها جامعا، وغرس بها جميع الأشجار، ونقل إليها من البرابي العمد الصوان والعمد الرخام، وشحنها بالأسلحة وآلات الحروب وما يحتاج إليها من الغلال، والأقوات خشية من محاصرة الفرنج فإنهم كانوا حينئذ على عزم قصد بلاد مصر.