للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥١٥ - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب ومُسدد، قالا: حدَّثنا حمادٌ, عن ثابتٍ، عن أبي بُردَة

عن الأغَر المُزني - قال مُسدَّد في حديثه: وكانت له صحبة -

قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنه ليُغانُ على قلبي، وإني لاستغفِرُ الله في كُل يَومٍ مائة مرة" (١).


= قال ابن جرير الطبري بعد أن ذكر أقاويل أهل العلم في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: ١٣٥]: وأولى الأقوال بالصواب عندنا قول من قال: الإصرار: الإقامة على الذنب عامداً، وترك التوية منه، ولا معنى لقول من قال: الإصرار على الذنب هو مواقعته، لأن الله عز وجل مدح بترك الإصرار على الذنب مواقع الذنب، فقال: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، ولو كان المواقع الذنب مصراً بمواقعته إياه، لم يكن للاستغفار وجه مفهوم، لأن الاستغفار من الذنب إنما هو التوبة منه والندم، ولا يعرف للاستغفار من ذنب لم يواقعه صاحبه وجه، وقد روي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما أصر من استغفر، وإن عاد في اليوم سبعين مرة"، فلو كان مواقع الذنب مصراً لم يكن لقوله: "ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة" معنى، لأن مواقعة الذنب إذا كانت هي الإصرار، فلا يزيد الاسم الذي لزمه معنى غيره، كما لا يُزيل عن الزاني اسمَ زانٍ، وعن القاتل اسمَ قاتل، توبتُه، ولا معنى غيرها وقُدِّم بأن هذا الخبر أن المستغفر من ذنبه غير مُصرٍّ عليه، فمعلوم بذلك أن الإصرار غير المواقعة، وأنه المقام عليه على ما قلنا قبلُ.
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وحماد: هو ابن زيد الأزدي، وثابت: هو ابن أسلم البناني، وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله الأشعري، والأغر: هو ابن يسار المزني.
وأخرجه مسلم (٢٧٠٢) من طرق عن حمّاد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٧٠٢) من طريق عمرو بن مرة عن أبي بردة، به. =

<<  <  ج: ص:  >  >>