للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٦٣ - حدَّثنا مُسَددُ بنُ مُسرهَدٍ، حدَّثنا اسماعيلُ، عن أيوبَ، عن ابن أبي مليكةَ، عن عبدِ الله بن الزبير


= وهي رواية عن أحمد، وقال به ابن حزم، وذهب أحمد في رواية وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر وداود وأتباعه - إلا ابن حزم - إلى أن الذي يحرم ثلاث رضعات لقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: " لا تحرم الرضعة والرضعتان"فإن مفهومه أن الثلاث تحرم، وأغرب القرطبي.
فقال: لم يقل به إلا داود. ويخرج مما أخرجه البيهقي عند زيد بن ثابت بإسناد صحيح أنه يقول: لا تحرم الرضعة والرضعتان والثلاث، وأن الأربع هي التي تحرم. والثابت من الأحاديث حديث عائشة في الخمس، وأما حديث: "لا تحرم الرضعة والرضعتان" فلعله مثال لما دون الخمس، وإلا فالتحريم بالثلاث فما فوقها إنما يؤخذ من الحديث بالمفهوم، وقد عارضه مفهوم الحديث الآخر المخرج عند مسلم وهو الخمس، فمفهوم: "لا تحرم المصة ولا المصتان" أن الثلاث تحرم، ومفهوم خمس رضعات أن الذي دون الأربع لا يحرم فتعارضا، فيرجع إلى الترجيح بين المفهومين، وحديث الخمس جاء من طرق صحيحه، وحديث المصتان جاء أيضاً من طرق صحيحة، لكن قد قال بعضهم: إنه مضطرب لأنه اختلف فيه هل هو عن عائشة أو عن الزبير أو عن ابن الزبير أو عن أم الفضل، لكن لم يقدح الاضطراب عند مسلم فأخرجه من حديث أم الفضل زوج العباس: "أن رجلاً من بني عامر قال: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - هل تحرم الرضعة الواحدة؟ قال: لا" وفي رواية له عنها: "لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ولا المصة ولا المصتان" قال القرطبي: هو أنص ما في الباب، إلا أنه يمكن حمله على ما إذا لم يتحقق وصوله إلى جوف الرضيع، وقوى مذهب الجمهور بأن الأخبار اختلفت في العدد، وعائشة التي روت ذلك قد اختلف عليها فيما يعتبر من ذلك فوجب الرجوع إلى أقل ما ينطلق عليه الاسم، ويعضده من حيث النظر أنه معنى طارئ يقتضي تأييد التحريم فلا يشترط فيه العدد كالصهر، أو يقال مائع يلج الباطن فيحرم فلا يشترط فيه العدد كالمني، والله أعلم. وأيضا فقول عائشة: "عشر رضعات معلومات ثم نسخن بخمس معلومات، فمات النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهن مما يقرأ" لا ينتهض للاحتجاج على الأصح من قولي الأصوليين، لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، والراوي روى هذا على أنه قرآن لا خبر فلم يثبت كونه قرآناً ولا ذكر الراوي أنه خبر ليقبل قوله فيه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>