للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وكل هذه الأمور تؤكد ما قاله أبو داود وتصحح ما تأوله من أنهما إنما طلبا القسمة، ويشبه أن يكون عمر إنما منعهما القسمة احتياطاً للصدقة ومحافظة عليها. فإن القسمة إنما تجري في الأموال المملوكة، وكانت هذه الصدقات متنازعة وقت وفاة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُدّعَى فيها الملك والوراثة إلى أن قامت البينة من قول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أن تركته صدقة غير موروثة فلم يسمح لهما عمر بالقسمة، ولو سمح لهما بالقسمة لكان لا يؤمن أن يكون ذلك ذريعة لمن يريد أن يمتلكها بعد علي والعباس ممن ليس له بصيرتهما في العلم ولا تقيتهما في الدين، فرأى أن يتركها على الجملة التي هي عليها، ومنع أن تحول عليها السهام فيتوهم أن ذلك إنما كان لرأي حدث منه فيها أوجب إعادتها إلى الملك بعد اقتطاعها عنه إلى الصدقة، وقد يحتمل ذلك وجهاً، وهو أن الأمر المفوض إلى الاثنين الموكول إليهما وإلى أمانتهما وكفايتهما ليُمضياه بمشاركة منهما أقوى في الرأي وأدنى إلى الاحتياط من الاقتصار على أحدهما والاكتفاء به دون مقام الآخر، ولو أوصى رجل بوصية إلى عمرو وزيد، أو وكل رجل زيداً وعَمراً لم يكن لواحدٍ منهما أن يسبتدّ بأمر منهما دون صاحبه فنظر عمر لتلك الأموال واحتاط فيها بأن فوّضها إليهما معاً، فلما تنازعاها قال لهما: إما أن تلياها جميعاً، على الشرط الذي عقدته لكما في أصل التولية، وإما أن ترداها إلي، فأتولاها بنفسي وأجريها على سبُلها التي كان تجري أيام أبي بكر رضي الله عنه. قلت (القائل الخطابي): وروي أن علياً رضي الله عنه غلب عليها العباس بعد ذلك فكان يليها أيام حياته، ويدل على صحة التأويل الذي ذهب إليه أبو داود: أن منازعة علي رضي الله عنه عباساً رضي الله عنه لم تكن من قبل أنه كان يراها ملكاً وميراثاً، إن الأخبار لم تختلف عن على رضي الله عنه أنه لما أفضت إليه الخلافة وخلص له الأمر أجراها على الصدقة، ولم يغير شيئاً من سبلها.
وقال: قوله: مُفضياً إلى رماله، يريد أنه كان قاعداً عليه من غير فراش، ورماله: ما يرمل وينسج به من شريط ونحوه.
وقوله: دفّ أهل أبيات من قومك، معناه: أقبلوا ولهم دفيف، وهو مشي سريع في مقاربة خطو. يريد: أنهم وردوا المدينة لضرٍّ أصابهم في بلادهم. وفي قول عمر: إن الله خص رسوله - صلَّى الله عليه وسلم - بخاصة لم يخص بها أحداً من الناس، وتلا على أثره الآية، دليل على أن أربعة أخماس الفىء كانت لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - خاصة في حياته. =

<<  <  ج: ص:  >  >>