للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: "بل أنت بَشيرٌ" -قال: بينما أنا أُماشي رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- مَرَّ بقبور المشركين، فقال: "لقد سبقَ هؤلاء خيراً كثيراً" ثلاثاً، ثم مرَّ بقبوُر المسلمين، فقال: "لقد أدرك هؤلاء خيراً كثيراً" وحانتْ من رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نظرةٌ فإذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان، فقال: "يا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ، وَيْحَكَ! ألْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ" فنظرَ الرجلُ، فلما عرفَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- خَلَعهما فرمى بهما (١).

٣٢٣١ - حدَّثنا محمد بن سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا عبد الوهاب -يعني ابن عطاءِ- عن سعيدٍ، عن قتادةَ


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (١٥٦٨) والنسائي (٢٠٤٨) من طريق الأسود بن شيبان، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد" (٢٠٧٨٤)، و"صحيح ابن حبان" (٣١٧٠).
قال ابن الأثير في "النهاية": "يا صاحب السِّبتَيْن اخلع نعليك" السِّبْتُ، بالكسر: جلود البقر المدبوغة بالقَرَظ يتخذ منها النعال، سميت بذلك لأن شعرها قد سُبِتَ عنها: أي: حُلِق وأُزيل، وقيل: لأنها انسبتت بالدباغ، أي: لانت، يريد: يا صاحب النعلين. وفي تسميتهم للنعل المتخذة من السبت سبتاً اتساع، مثل قولهم: فلان يلبس الصوف والقطن والإبرَيْسَم، أي: الثياب المتخذة منها. وإنما أمره بالخلع احتراماً للمقابر، لانه كان يمشي بينها. وقيل: لأنها كان بها قذر، أو لاختياله في مشيه. قلنا: والقَرَظ شجر عظام لها سوق غلاظ أمثال شجر الجوز، وهي من الفصيلة القرنية، وهي نوع من أنواع السنط العربي، يستخرج منه صمغ مشهور. واحدته قَرَظة.
وقال الخطابي: وخبر أنس يدل على جواز لبس النعل لزائر القبور، وللماشي بحضرتها وبين ظهرانيها [يعني الحديث الآتي عند المصنف بعده].
فأما خبر السبتيتين فيشبه أن يكون إنما كره ذلك لما فيها من الخيلاء، وذلك أن نعال السِّبت من لباس أهل الترفُّه والتنعُّم ... فأحب -صلَّى الله عليه وسلم- أن يكون دخوله المقابر على زي التواضع ولباس أهل الخشوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>