للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= سوى ابن القاسم فيما قاله ابن عبد البر في "التمهيد" ١١/ ٧٧، قال: وذلك من الغلط الذي لا إشكال فيه على أحد من أهل العلم، وليس لسعْد بن محيصة صحبة، فكيف لابنه حرام، ولا يختلفون أن الذي روى عنه الزهري هذا الحديث وحديث ناقة البراء هو حرام بن سند بن مُحيِّصة.
وهو في "مسند أحمد" (٢٣٦٩٠)، و "صحيح ابن حبان" (٥١٥٤).
وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "المسند".
قال الخطابي: حديث محيصة يدل على أن أجرة الحجام ليست بحرام، وأن خبثها من قبل دناءة مَخرجها، وقال ابن عباس: احتجم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجره. ولو علمه محرما لم يعطه.
قال الخطابي: وقوله: "اعلفه ناضحك ورقيقك" يدل على صحة ما قلناه، وذلك أنه لا يجوز له أن يطعم رقيقه إلا من مال قد ثبت له ملكه، وإذا ثبت له ملكه فقد ثبت أنه مباح، وإنما وجهه التنزيه على الكسب الدنيء والترغيب في تطهير الطعم والإرشاد فيها إلى ما هو أطيب وأحسن، وبعض الكسب أعلى وأفضل، وبعضه أدنى وأوكح.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن كسب الحجام إن كان حراً فهو محرم، واحتج بهذا الحديث بقوله: إنه خبيث، وإن كان عبداً فإنه يعلفه ناضحه وينفقه على دوابه.
قال الخطابي: وهذا القائل يذهب في التفريق بينهما مذهبا ليس له معنى صحيح، وكل شيء حل من المال للعبيد حل للاحرار، والعبد لا ملك له ويده يد سيده وكسبه كسبه، وإنما وجه الحديث ما ذكرته لك، وإن الخبيث معناه الدنيء، كقوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] أي: الدون.
فأما قوله: "ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث" فإنهما على التحريم، وذلك أن الكلب نجس الذات محرم الثمن، وفعل الزنى محرم، وبدل العوض عليه وأخذه على التحريم مثله، لأنه ذريعة إلى التوصل إليه، والحجامة مباحة، وفيها نفع وصلاح الأبدان.
وقد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ الواحد، ويفرق بينهما في المعاني، وذلك على حسب الأغراض والمقاصد فيها، وقد يكون الكلام في الفصل الواحد بعضه على الوجوب وبعضه على الندب وبعضه على الحقيقة وبعضه على المجاز، وإنما يُعلم ذلك بدلائل الأصول وباعتبار معانيها. =

<<  <  ج: ص:  >  >>