للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يدَيه أوشك أن يعُمَّهم الله بعقاب". وقال عمرو، عن هُشَيم: وإني سمعت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "ما مِن قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي، ثم يَقدِرُونَ على أن يُغيِّروا، ثم لا يُغيَّروا إلا يوشِكُ أن يعمَّهُمُ الله منه بعقاب" (١).


(١) إسناده صحيح. قيس: هو ابنُ أبي حازم، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وهشيم: هو ابنُ بَشير -وهو متابع فلا تضر عنعنته-، وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان.
وأخرجه ابن ماجه (٤٠٠٥)، والترمذي (٢٣٠٧) و (٣٣٠٩) من طريق إسماعيل ابن أبي خالد، به. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وهو في "مسند أحمد" (١) و (١٩) و (٢٩)، و"صحيح ابن حبان" (٣٠٤).
ذكر الإِمام ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص ٣١٥: أن للعلماء في هذه الآية قولان: أحدهما: أنها منسوخة بآية السيف.
والثاني: أنها محكمة وهو الصحيح، ويدل على إحكامها أربعة أشياء وهي:
١ - أن قوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} تقتضي إغراء الإنسان بمصالح نفسه، ويتضمن الأخبار بأنه لا يُعاقب بضلال غيره، وليس من مقتضى ذلك أن لا ينكر على غيره، وإنما غاية الأمر أن يكون مسكوتاً عنه، فيقف على الدليل.
٢ - أن الآية تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} أمر بإصلاحها وأداء ما عليها، وقد ثبت وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فصار من جملة ما على الإنسان في نفسه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بدليل قوله عَزَّ وَجَلَّ فيها: {إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.
٣ - أن الآية حملها قوم على أهل الكتاب إذا أدوا الجزية، فحينئذ لا يلزمون بغيرها.
٤ - أنه لما عابهم في تقليد آبائهم بالآية المتقدمة، أعلمهم بهذه الآية أن المكلف إنما يلزمه حكم نفسه، وأنه لا يضره ضلال غيره إذا كان مهتدياً حتى يعلموا أنهم لا يلزمهم من ضلال آبائهم شيء من الذم والعقاب، قال: وإذا تلمحت هذه المناسبة بين الآيتين لم يكن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ها هنا مدخل، وهذا أحسن الوجوه في الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>