للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أكَنْتَ تَرْجُمُهُ؟ قالَ: لا. قُلْتُ: أَرأيْتَ لَوْ أنَّ خَمسينَ مِنْهُم شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِحمْصَ أنَّهُ سَرَقَ أكُنْتَ تَقْطَعُهُ؛ وَلَمْ يَرَوْهُ؟ قالَ: لا.

قُلْتُ: فَوَ اللهِ مَا قَتَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَحَداً قَطُّ إلا في إحْدَى ثَلاثِ خِصَالٍ: رَجُلٌ قَتَل بِجَرِيرةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ، أوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إحْصَانٍ، أوْ رَجُلٌ حَارَبَ الله ورَسولهُ، وارْتَدَّ عَنِ الإسْلامِ.

فَقالَ القَوْمُ (وفي روايةٍ: فقالَ عَنْبَسَةُ) (٦): أوَ لَيْسَ قَدَ حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ في السَّرَقِ، وَسَمَرَ الأعْيُنَ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ في الشَّمْسِ؟ فَقُلْتُ: أنَا أُحَدِّثُكُم حَدِيثَ أنَسٍ: حَدَّثَني أنَسٌ:

أنَّ نَفَراً مِنْ عُكْلٍ ثَمانِيَةً قَدِمُوا عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَبَايَعُوهُ عَلَى الإسْلَامِ، فَاسْتوخمُوا الأرْضَ، فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُم، فَشَكَوْا ذَلِكَ إلى رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالَ:

"أفَلا تَخرُجُونَ مَعَ رَاعينا في إبلِهِ فَتُصِيبُونَ مِنْ ألبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا؟ ".

قالُوا: بَلَى، فَخَرَجُوا، فَشَرِبُوا مِنْ ألبَانِهَا وَأبْوَالِهَا، فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعيَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَأَطْرَدُوا (٧) النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَرْسَلَ في آثَارِهِمْ، فَأُدْرِكُوا، فجيءَ بِهمْ، فَأمَرَ بِهِم، فَقُطِّعَتْ أيْدِيهِم، وَأرْجُلُهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنُهم، ثمَّ نَبذَهُمْ في الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا (٨).

قُلْتُ: وَأيُّ شَيءٍ أَشَدُ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ؟ ارْتَدُّوا عَنِ الإسْلامِ، وَقَتَلُوا،


(٦) هو ابن سعيد كما يأتي.
(٧) بهذا الضبط وبتشديد الطاء أي: ساقوا الإبل. اهـ من (الشارح).
(٨) مضى حديث أنس بزياداته "ج١/ ٤ - الوضوء/ ٧٠ - باب".

<<  <  ج: ص:  >  >>