للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَذَلِكَ لَا أَعْلَمُهُمُ اخْتَلَفُوا أَنَّهُ إِذَا رَجَعَ يُرِيدُ بَلْدَةً فَدَخَلَ بَعْضَ أَرَاضِي بَلْدَةٍ وَلَمْ يَدْخُلِ الْبِنَاءَ، وَكَانَ خَارِجًا مِنْ حَدِّ الْبِنَاءِ الْمُتَّصِلِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، أَنَّ لَهُ قَصْرَ الصَّلَاةِ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَوْضِعَ الْبِنَاءِ الْمُتَّصِلِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ.

وَلَا أَعْلَمَهُمُ اخْتَلَفُوا أَنَّ مَنَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ مَنْ قَدْ أَقَامَ بِهَا قَاصِدًا سَفَرًا، يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةَ، فَفَارَقَ مَنَازِلَ مَكَّةَ وَجَعَلَ جَمِيعَ بِنَائِهَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدُ فِي الْحَرَمِ أَنَّ لَهَ قَصْرَ الصَّلَاةِ؛ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ فِي حَجَّتِهِ فَخَرَجَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَدْ فَارَقَ جَمِيعَ بِنَاءِ مَكَّةَ، وَسَارَ (١) إِلَى مِنًى، وَلَيْسَ مِنًى مِنَ الْمَدِينَةِ الَّتِي هِيَ مَدِينَةُ مَكَّةَ، فَغَيْرُ جَائِزٍ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ إِذَا خَرَجَ الْمَرْءُ مِنْ مَدِينَةٍ -لَوْ أَرَادَ سَفَرًا- بِخُرُوجِهِ مِنْهَا جَازَ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ، أَنْ يُقَالَ: إِذَا خَرَجَ مِنْ بِنَائِهَا هُوَ فِي الْبَلْدَةِ، إِذْ لَوْ كَانَ فِي الْبَلْدَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا، فَالصَّحِيحُ عَلَى مَعْنَى الْفِقْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُقِمْ بِمَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ كَوَامِلَ، يَوْمَ الْخَامِسِ وَالسَّادِسِ وَالسَّابِعِ، وَبَعْضَ يَوْمِ الرَّابِعِ دُونَ لَيْلِهِ، وَلَيْلَةَ الثَّامِنَةِ وَبَعْضَ يَوْمِ الثَّامِنِ. فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِزْمَاعٌ عَلَى مُقَامِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَيْسَ هَذَا الْخَبَرُ إِذَا تَدَبَّرْتَهُ بِخِلَافِ قَوْلِ الْحِجَازِيِّينَ فِيمَنْ أَزْمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ أَنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ مُخَالِفِيهِمْ يَقُولُونَ: أَنَّ مَنْ أَزْمَعَ مُقَامَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فِي مَدِينَةٍ، وَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ خَارِجًا مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ فِي بَعْضِ أَرَاضِيهَا الَّتِي هِيَ خَارِجَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى قَدْرِ مَا بَيْنَ بناء مَكَّةَ وَمِنًى فِي مَرَّتَيْنِ لَا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً فِي مَوْضِعٍ ثَالِثٍ مَا بَيْنَ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ، كَانَ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا عِنْدَهُمْ إِزْمَاعًا عَلَى مُقَامِ خَمْسَةَ عَشْرَةَ عَلَى مَا زَعَمُوا، أَنَّ مَنْ أَزْمَعَ مُقَامَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ.

(٣٨٤) بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ بِذِكْرِ خَبَرٍ غَلِطَ فِي مَعْنَاهُ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ صِنَاعَةَ الْفِقْهِ،


(١) في الأصل: "وصار إلى منى"، ولعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>