للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها: فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه". (م) عن أبي ذر (صح) ".

(قال الله تعالى: يا عبادي) جمع عبد هو لغة الإنسان والمراد هنا الثقلان بدليل قوله: "لو أن إنسكم وجنكم" والملائكة غير داخلين فيه لأن المراد بالعباد من يتصف بالتقوى والفجور لا غير. (إني حرمت الظلم) وهو وضع الشيء في غير موضعه. (على نفسي) تقدست وتعاليت عنه وامتنعت بعدلي وحكمتي عنه كما يمتنع من حرم عليه أمر عنه فيحتمل أنه استعارة مصرحة ويحتمل أنه مشاكلة لقوله. (وجعلته بينكم محرماً) على لسان رسلي وعلى ما جعلته في العقول من إنكارها لذلك. (فلا تظالموا) أي لا يظلم بعضكم بعضا فإنه لا بد من القصاص بينكم في جزاء الدنيا والآخرة وقدم الإخبار بأنه تعالى حرم الظلم على نفسه مع قهره وقدرته وكون الكل عباده وتحت ملكه فكيف يظلم العبد عبدًا مثله وهما مملوكان لمالك واحد ينتصف من الظالم للمظلوم، ولذا قال في صدر الحديث.

(يا عبادي يا عبادي كلكم ضال) غافل عن الشرائع قبل بعثة الرسل أو عن كل أمر ينفع صاحبه فإن الله هو الذي خلق فهدى. (إلا من هديته) إلى مناهج الرشاد والسداد، وهذا الإخبار بضلالهم لا يناقضه حديث: "كل مولود يولد على الفطرة" (١) لأن هذا ضلال طارئ قلت: ويحتمل أن المراد بالفطرة نفس


(١) أخرجه البخاري (١٣١٩)، ومسلم (٢٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>